رين وآل خليفة (وفيها قصة العتوب والهدار)
-----------
البحرين وآل خليفة
حسن عبدلله - فبراير 1999
1 - من هم ال خليفة .
2 - سبب هجرة العتوب من نجد .
3 - المناطق التي ارتحلوا اليها قبل الكويت .
4 - العتوب والاستقرار في الكويت .
5 - هجرة ال خليفة من الكويت للزبارة .
6 - الزبارة في حكم ال خليفة .
7 - أسباب احتلال ال خليفة للبحرين .
8 - ال خليفة والاستيلاء على البحرين .
9 - البحرين في حكم ال خليفة .
10 - الاحتلال العماني للبحرين .
11 - الاحتلال الوهابي للبحرين .
من هم ال خليفة : -
يرجع ال خليفة تاريخيا لقبائل العتوب التي كانت تشكل حلفا كبيرا يضم اليه أفخاذا كثيرة تنتمي لعدة قبائل هاجرت من موطنها الأصلي في نجد واستقرت على شواطئ الخليج . وقد تحالفت هذه القبائل بعضها مع البعض الاخر وتصاهرت فيما بينها(قاسم 1985م) ، ويعتبر ال خليفة وال الصباح والجلاهمة من أشهر عوائل العتوب الذين ينتمون الى قبيلة عنزة والتي يرجع اليها نسب ال سعود أيضا ، وعلى أساس ذلك تكون العوائل الثلاث (ال سعود وال خليفة وال الصباح ، حكام السعودية والبحرين والكويت على التوالي) ضمن قبيلة واحدة
.
لقد كان العتوب يقطنون منطقة الهدار في مقاطعة الأفلاج في نجد ثم ارتحلوا عنها مع بداية القرن الثامن عشر الميلادي واتجهوا نحو سواحل الخليج .
وتختلف المصادر فيما بينها حول تسميتهم بالعتوب فعلى حين ترى بعض المصادر ان العتوب أخذوا ذلك الاسم من احدى القبائل الكبيرة التي انضمت اليهم(قاسم 1985م) ، ترى مصادر أخرى ان الاسم مشتق من الفعل (عتب)أي ارتحل وقد أطلق عليهم حين عتبوا للشمال أي ارتحلوا الى الشمال والملاحظ ان الرأي الثاني هو الأشهر عند الباحثين كما ينقل ذلك ديكسون (1990م) في كتابه (الكويت وجاراتها) على لسان الشيخ عبد الله السالم الصباح . والذي يبدو ان اسم (العتوب) لم يطلق على هذه المجموعة من القبائل لأنهم عتبوا للشمال ، والدليل على ذلك أمران :
الأول : ان الفعل (عتب) يعني الارتحال والتنقل ومن دون الاشارة الى الجهة ، فقد يكون الارتحال للشمال وقد يكون للجنوب ، كما تؤيد ذلك المعاجم اللغوية .
الثاني : ان الشيخ يوسف البحراني (المتوفى في 1772م) في كتابه (لؤلؤة البحرين) أشار لهذه المجموعة من القبائل باسم (العتوب) حين كان يتحدث عن واقعة وقعت سنة1700م ، ومفاد هذه الحادثة أن العتوب (ال خليفة وال صباح والجلاهمة) هاجموا البحرين فاستنجد شيخ الاسلام في البحرين ب(الهولة) الذين جاءوا وطردوا (العتوب). ومن المعروف تاريخيا أن العتوب لم يخرجوا من الكويت ويهاجموا البحرين. بل انهم قدموا من الزبارة في سنة 1782م ، وهذا يعني ان الهجوم الاول والذي تشير اليه الحادثة المذكورة كان قد وقع قبل الانتقال للشمال و يعني ان اسم (العتوب) أطلق عليهم قبل رحيلهم للشمال .
وعلى أساس ذلك يكون الرأي الراجح هو انهم ولكثرة تنقلهم وارتحالهم من مكان لاخر أطلق عليهم هذا الاسم قبل انتقالهم للشمال . واذا أمعنا النظر في المصادر التي تحدثت عن العتوب نجد انها تختلف في التسمية اذ أن بعضها يشير اليهم باسم بني عتبة في حين يسميهم اخرون بالعتوب ، واخرون بالعتوبيين(أبوحاكمة 1984م).
سبب هجرة العتوب من نجد : -
هاجر العتوب من نجد نحو سواحل الخليج مع بداية القرن الثامن عشر لأسباب اختلف حولها الباحثون فمنهم من يرجع ذلك الى المجاعة او الجفاف الذي أصاب أواسط شبه الجزيرة في منتصف القرن السابع عشر وأوائل القرن الثامن عشر حيث اضطر العتوب وغيرهم من القبائل للهجرة بسبب الجفاف(أبوحاكمة 1965م). البعض الاخر من الباحثين يرجع سبب الهجرة للنزاع الذي وقع بين العتوب وأبناء عمومتهم من بطن (جميلة) من عنزة. وعلى الرغم من أن العتوب نجحوا في التغلب على خصومهم وأخرجوهم من بلادهم الا أن أولئك الخصوم لجأوا الى قبيلة الدواسر حيث تم لهم التغلب على العتوب ونجحوا في اخراجهم من نجد (قاسم 1985م).
المناطق التي ارتحلوا اليها قبل الكويت : -
ارتحل العتوب مع بداية القرن الثامن عشر من صحراء نجد واستقروا في مناطق مختلفة قبل التوجه للكويت ، وقد أجمع الباحثون على استقرار العتوب في قطر ولكنهم اختلفوا في مدة بقائهم فيها ، حيث يرى الدكتور أبو حاكمة (1984م) أنهم استقروا ما يقرب من خمسين سنة استطاعوا خلالها ان يتعلموا ركوب البحر ، ويصبحوا بالتالي أمة بحرية. ولكن الشيخ عبد الله ال خليفة يرى أن بقاءهم في قطر 30 سنة تقريبا (العصيمي 1991م).
ويشير بعض الباحثين الى أن العتوب قد هاجموا البحرين وان اختلفوا في أن ذلك قد حصل قبل الذهاب الى قطر أو بعده ، حيث تؤكد بعض المصادر أن العتوب استقروا في بداية الأمر في المناطق المجاورة للبحرين ثم قرروا مهاجمة البحرين واستطاعوا السيطرة عليها ومن البحرين اتجه العتوب الى قطر واستقروا بها عدة سنوات(قاسم 1985م).
ومما يؤكد ذلك ما ذكره الشيخ يوسف البحراني (المتوفى 1772م) في كتابه (لؤلؤة البحرين) حيث أشار للحادثة التي حدثت بين العتوب والهولة عندما قام العتوب بمهاجمة البحرين فجاء الهولة (بطلب من البحارنة) وأخرجوهم منها. فقد طلب الشيخ محمد بن ماجد (شيخ الاسلام في البحرين انذاك ، الذي كانت له السلطة الدينية في مقابل السلطة السياسية للحاكم) من الهولة النجدة والمساعدة حيث كانت يد حاكم البحرين قاصرة عن رد ذلك الهجوم ، وكان ذلك سنة 1112 هجرية الموافق 1700 للميلاد .
بعد استقرار العتوب في قطر عدة سنوات حصل ان أحدهم قتل رجلا من أهلها سمع منه سخرية به واستهزاء فحل عليهم غضب حكامها الذين أوجسوا منهم خيفة وخشوا استفحال أمرهم فأمروهم بمغادرة البلاد والنزوح عنها ، فساروا قيل ميممين (قيسا) من بلاد فارس ، وقيل بل ذهبوا الى المخراق ولكن لم يطب لهم المقام فتحولوا الى الصبية وهي أرض واقعة شمال الكويت الشرقي وتبعد عنها نحو ستة عشر ميلا وكان حظهم فيها حظهم في سواها فهجروها ونزلوا الكويت (الرشيد 1978م).
ومما تجدر الاشارة اليه ، ان هناك اختلاف واضح حول المناطق التي ارتحل الها العتوب قبل وصولهم للكويت باستثناء قطر حيث أجمعوا على استقرار العتوب فيها، فهناك من يرى أنهم استقروا في الاحساء قبل توجههم الى قطر(الصباح 1986م)، وهناك من يرى أنهم استقروا في البصرة الا ان الدولة العثمانية أرغمتهم على الرحيل من أراضيها بسبب الغارات التي كانوا يشنونها على القوافل المتجهة والقادمة من البصرة فاتجهوا الى الكويت وأسسوا قرية استقروا فيها (العصيمي 1991م).
وبسبب هذا الاختلاف حول المناطق التي استقر فيها العتوب باستثناء قطر كما تقدم ، أو لأسباب أخرى ، ابتعد بعض الباحثين عن هذه الأمور المختلف عليها واقتصروا على ذكر المناطق المتفق عليها عند الباحثين . تقول أمل الزياني (1973م) :"وقد نزل العتوب في طريق هجرتهم من الأفلاج الى قطر ، والتي كانت تخضع لنفوذ بني خالد ، ومن قطر تفرقت الأسر العتبية الى سائر موانئ الخليج لتتجمع من جديد في الكويت " .
العتوب والاستقرار في الكويت :-
لم يستطع الكتاب تحديد تاريخ معين لوصول العتوب الى الكويت ، الا ان المستر واردن Warden وغيره من موظفي حكومة بومباي يشير الى ان أسلاف ال خليفة وال صباح وصلوا الكويت في حوالي 1716م ، وبدأوا في ادارة البلد (الزياني 1973م).
يقول فرنسيس واردن Warden عضو مجلس بومباي ، ومساعد المقيم في الخليج :"حوالي 1716 دخلت ثلاث قبائل عربية ذات شأن ، هي بنوصباح والجلاهمة وال خليفة ، تحدوها حوافز المصلحة والطموح ، في معاهدة واستولت على بقعة من الأرض على الساحل الشمالي الغربي من الخليج تسمى الكويت ، وكان بنو صباح في ذلك الوقت تحت رياسة الشيخ سليمان بن أحمد والجلاهمة تحت زعامة جابر بن عتبة ، وال الخليفة تحت رياسة خليفة بن محمد" (أبوحاكمة 1970م).
ويشير بعض الباحثين العرب الى ان المستر واردن Warden لم يلزم الصواب في بعض النقاط التي تطرق اليها بالنسبة لوصول العتوب للكويت . فمن الثابت ان العتوب لم ينزلوا الكويت دفعة واحدة - كما يرى واردن - ، فبعض الأسر كانت أسبق في الحضور من غيرها (أبوحاكمة 1984م) ، كما ان تاريخ وصول العتوب للكويت سنة 1716م يعد خطأ كما تراه الدكتورة الصباح (1986م) التي قامت بدراسة هذه المسألة مستعينة بالأدلة التاريخية حيث تقول : " ومن كل ما تقدم - من الأدلة - يتضح خطأ المستر فرانسيس واردن وجميع من تبعه من المؤرخين المعاصرين في تحديد وصول العتوب الى الكويت بعام 1716م وان وصولهم كان قبل ذلك وأقرب تاريخ يمكن تحديده لوصول العتوب الى الكويت وتأسيس امارتهم فيها على ضوء ما تقدم من وثائق ومخطوطات ووقائع مادية مؤكدة هو عام 1701م " .
وبعد وصول العتوب للكويت سواء عام 1701م أو 1716م ، اتفقت الأسر الثلاث (ال خليفة وال الصباح والجلاهمة) على تقسيم أعمال ادارة البلد فيما بينهم ، فأوكلت مهمة الحكومة لال الصباح ، ومهمة التجارة لال خليفة ومهمة شئون البحر للجلاهمة . وخشي ال الصباح وال خليفة الذين نصبوا خيامهم في خليج الكويت ، أن يعترض الأتراك ، الذين كانوا يدعون ملكية المكان وكانت لهم قوة كبيرة في البصرة ، على وجودهم هناك ويطردوهم الى حيث أتوا أو يفرضوا ضرائب عليهم . وقرروا في مجلس عقده أهل الرأي بينهم ارسال مبعوث الى الباشا التركي في البصرة لكي يشرح له انهم مستوطنون فقراء نزحوا من نجد البعيدة الى الكويت طلبا للرزق ، وليست في نيتهم أذية أحد . والرجل الذي أختير للقيام بهذه المهمة يدعى صباح . وكان متقدما في السن وله من دنياه الخبرة والحظ فنجح في مهمته (ديكسون 1990م)، ومنحه باشا بغداد لقب قائمقام في عام 1718 . وهكذا برزت أسرة ال صباح من بين تحالف العتوب باعتبارها الأسرة الحاكمة (قاسم 1985م).
ان استقرار العتوب في الكويت ساعدهم في الاستفادة من الموقع الفريد لها ، حيث استفاد العتوب من عوامل ثلاثة : أولها خطوط المواصلات البحرية للشركات التجارية الأوروبية عبر الخليج واليه ، والثاني عدم وجود قوة أخرى في الخليج تستطيع ان تقف موقف المنافسة لهم . أما العامل الثالث فهو وقوع الكويت ضمن أراضي بني خالد . فقد كان أسلوب الحكم عند هؤلاء من العوامل الرئيسية التي ساعدت على نمو التجارة وتوفير الحماية اللازمة للمدن التي قامت وازدهرت في هذه المنطقة (أبوحاكمة 1965م).
-----------
البحرين وآل خليفة
حسن عبدلله - فبراير 1999
1 - من هم ال خليفة .
2 - سبب هجرة العتوب من نجد .
3 - المناطق التي ارتحلوا اليها قبل الكويت .
4 - العتوب والاستقرار في الكويت .
5 - هجرة ال خليفة من الكويت للزبارة .
6 - الزبارة في حكم ال خليفة .
7 - أسباب احتلال ال خليفة للبحرين .
8 - ال خليفة والاستيلاء على البحرين .
9 - البحرين في حكم ال خليفة .
10 - الاحتلال العماني للبحرين .
11 - الاحتلال الوهابي للبحرين .
من هم ال خليفة : -
يرجع ال خليفة تاريخيا لقبائل العتوب التي كانت تشكل حلفا كبيرا يضم اليه أفخاذا كثيرة تنتمي لعدة قبائل هاجرت من موطنها الأصلي في نجد واستقرت على شواطئ الخليج . وقد تحالفت هذه القبائل بعضها مع البعض الاخر وتصاهرت فيما بينها(قاسم 1985م) ، ويعتبر ال خليفة وال الصباح والجلاهمة من أشهر عوائل العتوب الذين ينتمون الى قبيلة عنزة والتي يرجع اليها نسب ال سعود أيضا ، وعلى أساس ذلك تكون العوائل الثلاث (ال سعود وال خليفة وال الصباح ، حكام السعودية والبحرين والكويت على التوالي) ضمن قبيلة واحدة
.
لقد كان العتوب يقطنون منطقة الهدار في مقاطعة الأفلاج في نجد ثم ارتحلوا عنها مع بداية القرن الثامن عشر الميلادي واتجهوا نحو سواحل الخليج .
وتختلف المصادر فيما بينها حول تسميتهم بالعتوب فعلى حين ترى بعض المصادر ان العتوب أخذوا ذلك الاسم من احدى القبائل الكبيرة التي انضمت اليهم(قاسم 1985م) ، ترى مصادر أخرى ان الاسم مشتق من الفعل (عتب)أي ارتحل وقد أطلق عليهم حين عتبوا للشمال أي ارتحلوا الى الشمال والملاحظ ان الرأي الثاني هو الأشهر عند الباحثين كما ينقل ذلك ديكسون (1990م) في كتابه (الكويت وجاراتها) على لسان الشيخ عبد الله السالم الصباح . والذي يبدو ان اسم (العتوب) لم يطلق على هذه المجموعة من القبائل لأنهم عتبوا للشمال ، والدليل على ذلك أمران :
الأول : ان الفعل (عتب) يعني الارتحال والتنقل ومن دون الاشارة الى الجهة ، فقد يكون الارتحال للشمال وقد يكون للجنوب ، كما تؤيد ذلك المعاجم اللغوية .
الثاني : ان الشيخ يوسف البحراني (المتوفى في 1772م) في كتابه (لؤلؤة البحرين) أشار لهذه المجموعة من القبائل باسم (العتوب) حين كان يتحدث عن واقعة وقعت سنة1700م ، ومفاد هذه الحادثة أن العتوب (ال خليفة وال صباح والجلاهمة) هاجموا البحرين فاستنجد شيخ الاسلام في البحرين ب(الهولة) الذين جاءوا وطردوا (العتوب). ومن المعروف تاريخيا أن العتوب لم يخرجوا من الكويت ويهاجموا البحرين. بل انهم قدموا من الزبارة في سنة 1782م ، وهذا يعني ان الهجوم الاول والذي تشير اليه الحادثة المذكورة كان قد وقع قبل الانتقال للشمال و يعني ان اسم (العتوب) أطلق عليهم قبل رحيلهم للشمال .
وعلى أساس ذلك يكون الرأي الراجح هو انهم ولكثرة تنقلهم وارتحالهم من مكان لاخر أطلق عليهم هذا الاسم قبل انتقالهم للشمال . واذا أمعنا النظر في المصادر التي تحدثت عن العتوب نجد انها تختلف في التسمية اذ أن بعضها يشير اليهم باسم بني عتبة في حين يسميهم اخرون بالعتوب ، واخرون بالعتوبيين(أبوحاكمة 1984م).
سبب هجرة العتوب من نجد : -
هاجر العتوب من نجد نحو سواحل الخليج مع بداية القرن الثامن عشر لأسباب اختلف حولها الباحثون فمنهم من يرجع ذلك الى المجاعة او الجفاف الذي أصاب أواسط شبه الجزيرة في منتصف القرن السابع عشر وأوائل القرن الثامن عشر حيث اضطر العتوب وغيرهم من القبائل للهجرة بسبب الجفاف(أبوحاكمة 1965م). البعض الاخر من الباحثين يرجع سبب الهجرة للنزاع الذي وقع بين العتوب وأبناء عمومتهم من بطن (جميلة) من عنزة. وعلى الرغم من أن العتوب نجحوا في التغلب على خصومهم وأخرجوهم من بلادهم الا أن أولئك الخصوم لجأوا الى قبيلة الدواسر حيث تم لهم التغلب على العتوب ونجحوا في اخراجهم من نجد (قاسم 1985م).
المناطق التي ارتحلوا اليها قبل الكويت : -
ارتحل العتوب مع بداية القرن الثامن عشر من صحراء نجد واستقروا في مناطق مختلفة قبل التوجه للكويت ، وقد أجمع الباحثون على استقرار العتوب في قطر ولكنهم اختلفوا في مدة بقائهم فيها ، حيث يرى الدكتور أبو حاكمة (1984م) أنهم استقروا ما يقرب من خمسين سنة استطاعوا خلالها ان يتعلموا ركوب البحر ، ويصبحوا بالتالي أمة بحرية. ولكن الشيخ عبد الله ال خليفة يرى أن بقاءهم في قطر 30 سنة تقريبا (العصيمي 1991م).
ويشير بعض الباحثين الى أن العتوب قد هاجموا البحرين وان اختلفوا في أن ذلك قد حصل قبل الذهاب الى قطر أو بعده ، حيث تؤكد بعض المصادر أن العتوب استقروا في بداية الأمر في المناطق المجاورة للبحرين ثم قرروا مهاجمة البحرين واستطاعوا السيطرة عليها ومن البحرين اتجه العتوب الى قطر واستقروا بها عدة سنوات(قاسم 1985م).
ومما يؤكد ذلك ما ذكره الشيخ يوسف البحراني (المتوفى 1772م) في كتابه (لؤلؤة البحرين) حيث أشار للحادثة التي حدثت بين العتوب والهولة عندما قام العتوب بمهاجمة البحرين فجاء الهولة (بطلب من البحارنة) وأخرجوهم منها. فقد طلب الشيخ محمد بن ماجد (شيخ الاسلام في البحرين انذاك ، الذي كانت له السلطة الدينية في مقابل السلطة السياسية للحاكم) من الهولة النجدة والمساعدة حيث كانت يد حاكم البحرين قاصرة عن رد ذلك الهجوم ، وكان ذلك سنة 1112 هجرية الموافق 1700 للميلاد .
بعد استقرار العتوب في قطر عدة سنوات حصل ان أحدهم قتل رجلا من أهلها سمع منه سخرية به واستهزاء فحل عليهم غضب حكامها الذين أوجسوا منهم خيفة وخشوا استفحال أمرهم فأمروهم بمغادرة البلاد والنزوح عنها ، فساروا قيل ميممين (قيسا) من بلاد فارس ، وقيل بل ذهبوا الى المخراق ولكن لم يطب لهم المقام فتحولوا الى الصبية وهي أرض واقعة شمال الكويت الشرقي وتبعد عنها نحو ستة عشر ميلا وكان حظهم فيها حظهم في سواها فهجروها ونزلوا الكويت (الرشيد 1978م).
ومما تجدر الاشارة اليه ، ان هناك اختلاف واضح حول المناطق التي ارتحل الها العتوب قبل وصولهم للكويت باستثناء قطر حيث أجمعوا على استقرار العتوب فيها، فهناك من يرى أنهم استقروا في الاحساء قبل توجههم الى قطر(الصباح 1986م)، وهناك من يرى أنهم استقروا في البصرة الا ان الدولة العثمانية أرغمتهم على الرحيل من أراضيها بسبب الغارات التي كانوا يشنونها على القوافل المتجهة والقادمة من البصرة فاتجهوا الى الكويت وأسسوا قرية استقروا فيها (العصيمي 1991م).
وبسبب هذا الاختلاف حول المناطق التي استقر فيها العتوب باستثناء قطر كما تقدم ، أو لأسباب أخرى ، ابتعد بعض الباحثين عن هذه الأمور المختلف عليها واقتصروا على ذكر المناطق المتفق عليها عند الباحثين . تقول أمل الزياني (1973م) :"وقد نزل العتوب في طريق هجرتهم من الأفلاج الى قطر ، والتي كانت تخضع لنفوذ بني خالد ، ومن قطر تفرقت الأسر العتبية الى سائر موانئ الخليج لتتجمع من جديد في الكويت " .
العتوب والاستقرار في الكويت :-
لم يستطع الكتاب تحديد تاريخ معين لوصول العتوب الى الكويت ، الا ان المستر واردن Warden وغيره من موظفي حكومة بومباي يشير الى ان أسلاف ال خليفة وال صباح وصلوا الكويت في حوالي 1716م ، وبدأوا في ادارة البلد (الزياني 1973م).
يقول فرنسيس واردن Warden عضو مجلس بومباي ، ومساعد المقيم في الخليج :"حوالي 1716 دخلت ثلاث قبائل عربية ذات شأن ، هي بنوصباح والجلاهمة وال خليفة ، تحدوها حوافز المصلحة والطموح ، في معاهدة واستولت على بقعة من الأرض على الساحل الشمالي الغربي من الخليج تسمى الكويت ، وكان بنو صباح في ذلك الوقت تحت رياسة الشيخ سليمان بن أحمد والجلاهمة تحت زعامة جابر بن عتبة ، وال الخليفة تحت رياسة خليفة بن محمد" (أبوحاكمة 1970م).
ويشير بعض الباحثين العرب الى ان المستر واردن Warden لم يلزم الصواب في بعض النقاط التي تطرق اليها بالنسبة لوصول العتوب للكويت . فمن الثابت ان العتوب لم ينزلوا الكويت دفعة واحدة - كما يرى واردن - ، فبعض الأسر كانت أسبق في الحضور من غيرها (أبوحاكمة 1984م) ، كما ان تاريخ وصول العتوب للكويت سنة 1716م يعد خطأ كما تراه الدكتورة الصباح (1986م) التي قامت بدراسة هذه المسألة مستعينة بالأدلة التاريخية حيث تقول : " ومن كل ما تقدم - من الأدلة - يتضح خطأ المستر فرانسيس واردن وجميع من تبعه من المؤرخين المعاصرين في تحديد وصول العتوب الى الكويت بعام 1716م وان وصولهم كان قبل ذلك وأقرب تاريخ يمكن تحديده لوصول العتوب الى الكويت وتأسيس امارتهم فيها على ضوء ما تقدم من وثائق ومخطوطات ووقائع مادية مؤكدة هو عام 1701م " .
وبعد وصول العتوب للكويت سواء عام 1701م أو 1716م ، اتفقت الأسر الثلاث (ال خليفة وال الصباح والجلاهمة) على تقسيم أعمال ادارة البلد فيما بينهم ، فأوكلت مهمة الحكومة لال الصباح ، ومهمة التجارة لال خليفة ومهمة شئون البحر للجلاهمة . وخشي ال الصباح وال خليفة الذين نصبوا خيامهم في خليج الكويت ، أن يعترض الأتراك ، الذين كانوا يدعون ملكية المكان وكانت لهم قوة كبيرة في البصرة ، على وجودهم هناك ويطردوهم الى حيث أتوا أو يفرضوا ضرائب عليهم . وقرروا في مجلس عقده أهل الرأي بينهم ارسال مبعوث الى الباشا التركي في البصرة لكي يشرح له انهم مستوطنون فقراء نزحوا من نجد البعيدة الى الكويت طلبا للرزق ، وليست في نيتهم أذية أحد . والرجل الذي أختير للقيام بهذه المهمة يدعى صباح . وكان متقدما في السن وله من دنياه الخبرة والحظ فنجح في مهمته (ديكسون 1990م)، ومنحه باشا بغداد لقب قائمقام في عام 1718 . وهكذا برزت أسرة ال صباح من بين تحالف العتوب باعتبارها الأسرة الحاكمة (قاسم 1985م).
ان استقرار العتوب في الكويت ساعدهم في الاستفادة من الموقع الفريد لها ، حيث استفاد العتوب من عوامل ثلاثة : أولها خطوط المواصلات البحرية للشركات التجارية الأوروبية عبر الخليج واليه ، والثاني عدم وجود قوة أخرى في الخليج تستطيع ان تقف موقف المنافسة لهم . أما العامل الثالث فهو وقوع الكويت ضمن أراضي بني خالد . فقد كان أسلوب الحكم عند هؤلاء من العوامل الرئيسية التي ساعدت على نمو التجارة وتوفير الحماية اللازمة للمدن التي قامت وازدهرت في هذه المنطقة (أبوحاكمة 1965م).
عدل سابقا من قبل في الإثنين فبراير 18, 2008 12:49 pm عدل 1 مرات